فارس سالم علي
يقف الأيزيديين اليوم على مفترق طرق معقد بفعل الضغوطات والمساعي المختلفة من قبل الأحزاب الكردية التي تسعى إلى تغيير جذري في تركيبتهم الديموغرافية والاعتقادية. هذا الوضع المتأزم يتطلب تدقيقاً وفهماً عميقاً لجميع جوانبه؛ من الأحزاب التي تريد أرضاً بلا شعب، إلى تلك التي تنادي بتحويل الأيزيديين إلى الإسلام، وصولاً إلى الحزب الذي يحلم بشعب مسلم في أرض كردية. الصراعات السياسية والايديولوجية التي تختمر في المنطقة لم تترك الأيزيديين بمنأى عنها. فتوجهات الأحزاب الكردية المختلفة تنعكس بشكل مباشر على مستقبل هذه الديانة، مما يضفي مزيداً من التعقيد على واقعهم المعيشي والثقافي. مساعي هذه الأحزاب، سواء كانت تلك التي تسعى لتأسيس جغرافيا خالية من الشعب أو تلك التي ترغب في أسلمة الأيزيديين، تمثل تحدياً دائماً لحفظ هوية وتراث الأيزيديين. قضية الجغرافيا بلا شعب تشكل أزمة هوية حقيقية للأيزيديين، حيث تهدف بعض الأحزاب إلى إعادة رسم الخريطة الديموغرافية للمنطقة دون الأخذ بعين الاعتبار الوجود التاريخي للأيزيديين. هذا التوجه لا يهدد فقط وجودهم الجغرافي ولكن أيضاً يمس كيانهم الثقافي والاجتماعي والتاريخي و الديني. بينما يرى حزب أخر حل المسألة الأيزيدية في تحويل ديانتهم إلى الإسلام، مما يمثل تحدياً للحفاظ على المعتقدات الدينية الأصلية للأيزيديين. هذه المحاولات تشكل ضغطاً كبيراً عليهم وتهدد تراثهم الروحي والثقافي العريق. أما السعي نحو إقامة شعب مسلم في أرض كردية فيجمع بين النقطتين السابقتين، متطلعاً إلى تغيير ديموغرافي وديني في الوقت ذاته. وهذا يعقد مسألة الحفاظ على هوية الأيزيديين الدينية والثقافية بشكل أكبر، معرضةً إياهم لخطر الذوبان في بوتقة ثقافية ودينية ليست هي أصلهم. التداعيات المترتبة على هذه المساعي متعددة الأوجه وتخلق ضغوطات جغرافية، اجتماعية، ودينية على الأيزيديين، مما يضعهم أمام تحديات كبرى في الحفاظ على تراثهم وهويتهم. الحاجة إلى حماية هذه الهوية تصبح أكثر إلحاحاً في ظل هذه التحديات العظيمة .
1 تعليق