الشيخ :- صبحي نابو
قبلَ التطرق إلى أصل كلمة “الشيخ” في الإيزيدية لا بد من توضيح نقطة مهمة وهي : بعد الإبادة الجماعية في 2014 التي تعرض لها الإيزيديين على يد الدولة الإسلامية (داعش)، لجأ مئات الآلالف من الإيزيديين إلى الدول الغربية و تحديداً ألمانيا ،
الإبادة الجماعية الإيزيدية الاخيرة غيرت كثير من المفاهيم لدى الإيزيديين أنفسهم ولدى الآخرين أيضاً ولا سيما أشتهرت أسم الايزيدية في مغارب الأرض ومشارقها , لا شك في ان بعضها سلبية وبعضها إيجابية , الإيجابي هو ان الايزيدي تمسك بدينه أكثر وأكثر،
ودفن ظنون الأعداء بان إيماننا سيقل , لا وحتى هجرته وغربته التي سببها الإيزيدياتي جعلت من الفرد الايزيدي الافتخار بدينه كنوع من التحدي وهذا ما يندرج تحت وطاءة الإيجابية ,
لكن هذا لا يعني بان شريحة قليلة وجدت الفرصة لنفسها لغاية في نفس يعقوب كما يقال بالتشهير والانتقاص من بعض الأركان الدينية التي هي بالأساس ثوابت العقيدة لا يمكن المساس بها تحت اي حجة كانت , على سبيل المثال : التطاول على الطبقات الدينية بشكل خاص والرموز والمقدسات الإيزيدية بشكل عام دون اي وجه حق أو مصوغ قانوني أو شرعي يستند إليه أراءهم بل يحاولون إستغلال بعض رجال الدين الإيزيدي في محاولة منهم للدخول من هذا الباب لهدم السور المنيع المحيط بالشيخ و البير و المريد (فقير ، قوال ، گوجك)
(الحد و السد الإيزيدي) أي ” النواميس والقوانين الكونية التي نزلت من السماء”. !!!
عليه قمنا نحنُ مجموعة من رجال الدين الإيزيدي في ألمانيا بالتنسيق و التشاور مع رجال و علماء الدين الإيزيدي في باقي الدول و خصوصاً العراق ،قمنا بتشكيل (مجلس الديني الايزيدي ) وسوف نحاول تسجيل هذا المجلس بشكل رسمي في محاكم الألمانية أيضاً.
ليكون من أولويات اهتمامنا في الإتحاد هو : عدم سماح لاي شخص أو مجموعة كانت التلاعب بالثوابت الدينية الإيزيدية و الإتفاق على بعض الأفكار الخطيرة الدخيلة على ديانتنا مثل : قصة سجود الملائكة لآدم وإدعاء بعض رجال الدين بأن عزازيل هو طاووسي ملك ؟
ما أود القول ان يكون أساس تاسيس هذا الفريق أو إتحاد علماء الدين الإيزيدي هو “الحد والسد الايزيدي” التي تَحفظ بها هوية الدينية الايزيدية. اما الأمور الأخرى من الشرح والتوضيح لفلسفة العقدية الإيزيدية التي هي تفاصيل العقيدة الإيزيدية سيكون ضمن واجبات هذا الفريق كعمل ونشاط في المستقبل . بالمحصلة أرغب التوضيح نحن هنا لنشكل إتحاد لأجل الحفاظ على الإيزيدياتي لا ان نشكل اطار جديد لها . وكما هو معروف إيماننا من علم الصدر الايزيدي(مصادرنا النصوص الايزيدية المقدسة ) .
في هذا البحث سوف نبحث دينياً و تاريخياً عن أصل كلمة الشيخ،
أولاً : حسب اللغة العربية لان هناك أعتقاد بأن كلمة الشيخ تعني رجل دين في الإسلام ؟
كما هو معروف بان *شيخ الإسلام * هو لقب يطلق على كل علامة متبحر في العلوم الشرعية الإسلامية، وله دراية وريادة بين علماء الإسلام .
عالِم الدين عند المسلمين عادةً ما يطلق عليه شيخ لكن هذا اللقب ليس له أي علاقة بالكتاب المقدس للمسلمين ،
تسمية رجل دين إسلامي هي : عالم دين (علَّامة) و
فقيه، قارئ، حافظ، إمام، خطيب، نساب، داعية، محدث، ملا .
أما كلمة ( الشيخ ) فليس للقرآن عرف شرعي خاص بها ، بل جاءت فيه بالمعنى اللغوي المعروف فيها ، والذي ذكره أبن السكيت (ت244هـ) بقوله: ” إذا ظهر به الشيب واستبانت فيه السن فهو شيخ ” انتهى من ” الكنز اللغوي ” (161) ، ينظر : ” لسان العرب ” (3/31-33) ، ” تاج العروس ” (7/286-289) .
وقد وردت كلمة شيخ في القرآن في أربعة مواضع بهذا المعنى ، وهي : قوله تعالى على لسان زوجة إبراهيم عليه السلام : ( قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) هود/72 .
وقوله عز وجل على لسان إخوة يوسف : ( قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) يوسف/78.
وقوله تعالى على لسان الجاريتين اللتين سقى لهما موسى عليه السلام : ( قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ) القصص/23.
وأخيرا قول الله سبحانه : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا ) غافر/67 .
جاءت في هذه المواضع جميعها بالمعنى اللغوي الدال على كبر السن .
المصدر : بوابة الإسلام ،
المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب ،
من خلال البحث القصير تأكدنا من أن كلمة الشيخ ليست لها علاقة برجال الدين الإسلامي بل تعني الكبير بالسن !!!
من أين جاءت كلمة الشيخ إلى الإيزيدية ؟
يتفق أغلب الإيزيديين بأن كلمة الشيخ جاءت من أسم “شيخادي “ولكي لنعلم من يكون” شيخادي ” علينا أولاً : أن نفهم المعنى الحقيقي لهذا الأسم حسب اللغة الإيزيدية : فالكلمة شيخادي تتألف من ثلاث مقاطع : المقطع الأول : شي : أي (من) المقطع الثاني : خا :أي (نفسه)المقطع الثالث : دي :أي (أوجد) أي /من نفسه أوجد/
يظهر أسم “شيخادى” في الأقوال الدينية المقدسة بصفة (به دشاه) أي الخالق، الأسم الأعظم للخالق هو ” خودئ” لكن له 3003 أسم، أعطى لكل من “طاوؤس ملك” و “شيخادي” و ئيزي ألف و وأحد أسم لكي يقومون بإدارة شؤون الكون وتنظيمها . لقد ظهر للإيزيدية “سر طاوؤس ملك” على مر العصور لآلاف المرات و آخرها كان في القرن الثاني عشر في شخصية الشيخ آدي المسافر عليه السلام ، بهذا الصدد جاء في أحدى السبقات الدينية : ” شيخادي شيخ بركاته ب وئ سره كر خلاته : ژ عرضه ڨري چو سماوات . أي بمعنى : شيخادي شيخ بركات بهذا الأسم ظهر بين الإيزيدية ثم عندما أنتهت مهمته أختفى هذا السر بطياتهِ و ذهب إلى السماءِ ،
يقول النص الديني : شيخادي شيخ عام يتصف بعقيدة قبل الإسلام .
كلمة الشيخ حسب المفهوم والتفسير الإيزيدي تعني : (من نور أو من سر الخالق و الملائكة) و كلمة البير : جاءت من أسم طاووسي ملك الذي هو بير : الكون .
شيشمس تعني من نور الشمس
شيخوبكر ، إي من البكر
شيمند : أي شيخ مند، مندئ دنيا و آخره.
شيسن : إله السن ، كلمة الشيخ تعنى أيضاً : خودان أو صاحب .
كلمة شيخ ومصدرها ( شاه ) في التاريخ
كلمة شيخ ( شاه .. شيه ) هي كلمة آكدية آرامية في اللغات القديمة .. واستخدمها الايزيديون في اغلب نصوصهم الدينية والتي تعني نور أو الحاكم أو الملك أو الأب أو الخالق ( باتشي ) ..
وردت هذه الكلمة في النصوص الدينية الإيزيدية مستخدمة كلمة بات شاه ( الخالق ) أو شاه شمس أو شي شمس ( نور الشمس ) أو نور الخالق , وبعد اختراع الأبجديات الهندواوربية إنتقلت الكلمة إلى أغلب لغات العالم من مصدرها الأم : الأكدية الآرامية .. المؤرخ الإيزيدي :فواز فرحان .
به دشايه و هه ر چار ياره
ل مه ر كه بئ دبوون سواره
سه يرى بوون چار كناره
ل لالشئ سه كنين، كوتن : ئه ڤه حه ق واره…
الترجمة : سر الخالق (شيخادي) و خلانه الأربعة
صعدوا المركبة : ساروا بها في الأتجاهات الأربعة
ثم وقفوا في لالش وقالوا : حقآً أنه مكان مناسب.
تمثل الصفة شيه ــ شيحو ــ شيخو ( علم أو نور ) والموصوف شاه ( الخالق أو الحاكم ) أساسيين في اللغات الآرامية القديمة ومعاجمها .. في هذا الرابط يشرح كلمة شاه وباتشاه و خشايا ( شيخ )
وهناك نصوص مقدسة مثل قولي ( شيخوبكر )
به دشئ من دور ژ خو چئ كر
ئو سيوري ،سه يران لئ كر.
به دشاى من دور ژ خو ڤافاره
دور قه نديله كه مالداره
قه نديلئ نور ستاره.
الترجمة : الخالق فصل الدرة عن ذاته
ساح وتنزه فيها طاف وأتجه إليها .
الدرة قنديل كامل نوره حجاب للقنديل.
و كذلك استخدام كلمة ( شيه آدي ) والتي تحولت الى ( شيخ آدي ) بعد التحول في علم اللسانيات وكذلك استخدامها مع ال شيه او بكر ( النور الأوّلي ) ..
Qewlê Bê Elif, S. 6, R. 1
„Padșê min bi xo efirandî dura beyzaye“
“Pedşa li nav durê li xewlê bû“-
جاءت في أحدى السبقات من قول الخليقة و التكوين :
زبوني دل مكسور ( الناسك المتعبد)
-به دشايى ؤ هه ر 7 سورت خولانا
وه رايكي ناف خوو دكنا ، ئقينكا وه كنياتكئ ئفاكنا
الخالق و الملائكة السبعة يخططون لأمر ما، بكل تأكيد سوف يقومون بتشكيل الأكوان ( الكون )
به دشايى من خوشكر سوحبتئ، ليئك رونشتن سوحبتئ
هنكئ دانان حد ؤ سدى.
الخالق مع الملائكة السبعة وضعوا الحد و السد و القوانين الكونية.
بادشي من حد و سد، وه جيكر، حقيقت و سريعت ژ يئك
جهه كر ، سونتى مخفي بو بادشي من هنكى داهر كر.
الخالق وضع الحد و السد، فصل بين الحقيقة و الشريعة،
الإيزيدية كانت مخفية فأظهرها .
من خلال هذه السبقات من أقوال الإيزيدية المقدسة يتضح لنا بأن قبل الخليقة و التكوين تم وضع القوانين الكونية للبشرية جمعاء ومن ضمنها قانون الحد و السد للإيزيديين : الإيزيدية أو الإيزيدي هو : المولود من أبوين إيزيديين من نفس الطبقة الدينية : يؤمن بالخالق “خودئ” و بجميع أقانيمه!!!
عُرفت الإيزيدية بعشرات الأسماء مع أحتفاظها بأسم ئيزي إيزيدا ( السائرون على طريق الخير والحق) و إن وجود أسم أحدى المدن السومرية ب “إيزين” و معابد البابلين “بإيزيدا” أكبر دليل على قَدم هذه التسمية.
في البداية عُرفت الإيزيديين بالسونت نسبتاً إلى “ملك شيسن” (سن) كما عُرفت بالشمسانية ( شمس به رست)
نسبتاً إلى ملك شيشمس.
عند ظهور النبي شيت بن جر، بعدها زواجه من الهورية أنجبت توائم ، فصل بينهم “ئيزي”من نسل أحد الأطفال خلق الشيوخ ومن الثاني الابيار، الباقي “المريد” : سلتان ئيزي ب شيرئ حه قيئ ژ هه ف د كرن .
هذه الميثولوجية قريبة من الميثولوجيا البابلية لخلق العالم، بإختصار تقول الأسطورة البابلية :
في البدء كانت الآلهة (نمو ) أنجبت الألهة “نمو ” ولداً و بنـتاً .. الأول ( آن ) إله السماء المذكّر .. و الثانية ( كي ) إله الأرض المؤنث .. و كانا مُلتصقين مع بعضهما و غير منفصلين عن أمهما “نمو” ثم قام ( آن ) بالزواج من ( كي ) .. فأنجبا بِكرهما “أنليل” ( إنليل ) لم يُطِق ذلك السجن، فـقام بقوته الخارقة بفصل أبيه ( آن ) عن أمه ( كي ) ، فرفع الأول فصار سماء ، و بسط الثانية فصارت أرضاً . ( إنليل ) كان يعيش في ظلام دامس ، فأنجب إنليل أبنه ( نانا ) آله القمر .. ليُبدد الظلام و ينير الأرض ..! ( نانا ) آله القمر أو ( سين ) فيما بعد , أنجب بعد ذلك ( أوتو ) أو ( شمش ) آلـه الشمس !
أنتقلت هذه الأسطورة إلى اليهود أثناء سبي البابلي ثم عدّلـوا عليها بعض التفاصيل و الأسماء و نسبوها لكتابهم المقدس ثم أخذ عنهم أغلب الأديان .
المصدر : قه ولى : زه بونى مه كسور.
شه هيد بيغه مبه ر ژ وئ كاسئ د بوو مه سته.
قول : ئيزي و مه ده هئ. :
ئئه ز هاتيمه رابوهرم ،هه رمه بيش
وئ هه رفئ دكه مه، ته فتيش.
وظيفة الشيوخ في الإيزيدية :
الشيوخ هم الذين يؤدون وظيفة ” تعميد البسك” ومراسيم غسل الجنازة للإيزيديين. الشيخ والپير متساوون في المكانة الدينية، على الرغم أن لديهم وظائف مختلفة، (الأثنين ينتميان إلى بيت :آديان ). الشيوخ و الابيار لا ينتمون إلى عشيرة محددة لأن في أغلب الأحيان يكون شيخ شيخاً أو بيراً لأكثر من عشيرة , ليسَ من الضروري أن يكون” الشيخ “رجل دين لكن من الضروري جداً الإلتزام بالثوابت الإيزيدية فيحق له من الناحية الدينية القيام بطقوس البسك و غسل الجنازة لا أكثر.
مهما كانت مرتبة الشيخ يجب أن يكون له شيخ لهذا السبب يقال للشيوخ و الآبيار “دو ناف” أي أسمين ، الأسم الأول” مريد” و الأسم الثاني :شيخ أو بير.
الشيخ و البير ،المريد يجب أن ينتميان إلى تلك الطبقة الدينية بالولادة، و لا يجوز الزواج من خارج الملة أو بين الطبقات الدينية الإيزيدية!!!
به دشاى من ب حوكمئ خوو ره ويا، عزيزئ من به ته هاته دوعيا،
ته دا : دا ستى شيخا : بسك و مقصئ
ته دا : دا ستى بيرا : فتوى و ذكائ
الخالق بقراره حاسم ، له المدح و الثناء
سَلم للشيوخ بسك (الشعر) و المقص (الشؤون الإجتماعية)
أعطى لآبيار : الفتوى و الذكاء
كل الشكر والتقدير : للعالم الديني الكبير : مام فقير جردو “من كبار علماء الدين الإيزيدي” على شرحه للسبقات الدينية.
الشيخ صبحي نابو :- رئيس المجلس الديني الأيزيدي الاعلى