
أ . ن
المفهوم القومي الايزيدي هل وليد اليوم؟ أم للتاريخ رأي آخر ؟لا يخفى على أحد ما أثاره مصطلح القومية الايزيدية في الآونة الاخيرة، رغم انه تمتد جذوره الى العهود السومرية والبابلية .كيف لا؟ ولقد أصبح ذكره يشكل تعاطفا حقيقياً من السكان الايزيديين الأصليين في العراق والمهاجر . ولنفهم معنى مصطلح القومية أكثر، علينا أن نغوص في التاريخ القريب أكثر فأكثر، إذ سردّ الدكتور خليل مراد في مقالته الموسومة تحت عنوان، قراءه في مفاهيم القومية الايزيدية يقول ؛ ليس من شك ان التطور الثقافي العام الغير مسبوق ، شكل عاملاً للتقدم الإنساني عموماً في مجلات الاعلام والعلوم والفنون والاتصالات، ويعد هذا التقدم هائلاً، سيما إذا عرفنا أن الأحوال الاجتماعية والإنسانية بل حتى الثقافية كانت تختلف جذرياً عن ما نعيشه اليوم. مقارنةً مع ما قبل 2003 ، فأن الشباب على سبيل المثال وليس حصراً يتمتعون بوسائل مختلفة ويملكون العديد من الطرق للوصول إلى تعريف أو فهم موضوع معين كالقومية مثلاً، وعليه هَذِهِ الثقافة اوجدت خيارات كثيفة بين الناس في مختلف الميادين من حيث الزراعة والصناعة والتعليم والانخراط في الوظائف العامة. كانت هَذِهِ العوامل تتماهى مع ذلك العصر ، الذي يعيش فيه كل الناس ومن ضمنهم الايزيديين. كانت احوالهم العامة تتحسن في ظل الأمان والاستقرار وعدم التمايز والفوارق الدينية، حيث كانت الدولة تفرض قوانينها وتعتبر جميع الناس مواطنين متساوون في الحقوق والواجبات. إذن نفهم من كلام الدكتور خليل مراد، إذا وجدت الدولة أيّ تلك التي تحفظ كرامة الجميع دون النظر في معتقداتهم الدينية أو المذهبية أو حتى العرقية، فأن السكان الأصليين سوف يكون لهم الحرية في التعبير عن قوميتهم والمحافظة على هويتهم ووجودهم دون خوف من التطرف السائد في المجتمعات التي تخلو من السيطرة الحكومية أي الدولة. أما تاريخياً، فالقومية كانت دائماً موجودة وسائدة في اغلب المجتمعات وفي كل الازمنة ، وفي حال مشاركة لغة أو ثقافة معينة ، فهذا لا يعطي لنا الحق في عدم قبول القوميات الاخرى، ولعلى الهنود الحمر خير مثال على ما تم ذكره أعلاه. بالرغم من خسارتهم لأرضهم، إلا أنهم لا زالوا متماسكين في قوميتهم بل حافظوا على لغتهم الأم وحتى وأن كانوا لا يتحدثون بها كثيراً ، ولكن المحافل الدولية والإقليمية والمحلية شاهدة على تمسكهم ودفاعهم عن ماضيهم الذي يشكل حاضرهم ومستقبلاً لأجيالهم اللاحقة. دعونا لا نذهب بعيداً عن اميركا ولنذهب إلى أمريكا اللاتينية، هناك معقل البرازيليين الذين يتحدثون البرتغالية كلغة الأم، نتيجة لغزاة البرتغاليين لبلدهم إبان المرحلة الاستعمارية . واحتلالهم على مدى 315 عاماً. الاستعمار البرتغالي بداء من عام 1500 إلى عام 1815م، بعد ذلك تم توحيد البرازيل مع البرتغال لتشكل المملكة البرتغالية في تلك الحقبة ، مما أدى إلى حرمان البرازيلين من لغتهم الأم كما هو حال الايزيديين اليوم . حيث طغت اللغة البرتغالية لتصبح بديلاً عن لغتهم لتحرمهم منها إلى الأبد. ولو نظرنا إلى الدول اللاتينية الأخرى مثل المكسيك، الأرجنتين، كولومبيا، بوليفيا، تشيلي، كوستاريكا، كوبا، الجمهورية الدومينيكية، الإكوادور، غينيا الاستوائية، سلفادور، غواتيمالا، هندوراس، نيكاراغوا، بنما، باراغواي، الأوروغواي، البورتوريكو وهو إقليم غير مدمج في الولايات المتحدة وفنزويلا ، نجد أن جميع تلك الشعوب يشتركون في لغة واحدة وهي اللغة الأسبانية، لكن بخلاف المتعارف عليه ، فأنهم لا يقولون أن قوميتهم أسبانية! إذن نفهم من هذا السياق أن اللغة ليست معياراً في تعريف القومية، إذ بإمكانك أن تقول أن لغتك الأم هي الصينية وفي الوقت ذاته ، تملك قومية اخرى. أما إذا ذهبنا إلى القارة الأوربية تحديداً دولتا السويسرا والنمسا، نجدهم يشاركون الالمان في اللغة ، فكلا الدولتان تتحدثان الالمانية كلغة الأم ويعترفان بهذه اللغة في المحاكم والدوائر الحكومية والرسمية، لكن قوميتهم ليست المانية ولا يعترفان بالقومية الالمانية، كذلك الحال ، عدد من الدول الافريقية المسمى بالفرانكفونية يتكلمون باللغة الفرنسية رسميا ، ولكن الفرنسية هي ليست اللغة القومية لتلك الشعوب . علاوةً على ذلك ، هناك العديد من الدول الأخرى التي تشارك في اللغة ولكن تختلف في القومية. علينا أن نعي ، أن مفهوم القومية تعني نظام إقتصادي، سياسي واجتماعي وثقافي وهذا المفهوم يتميز بتعزيزه مصالح الأمة او الشعوب التي تعتنق هذه القومية لأهداف منها الحكم الذاتي مثلاً ، وهذه الايديولوجية تشترط أن يكون نظام الحكم يخلو من الوصايا الداخلية او من التدخلات الخارجية للحفاظ على الهُوية الوطنية للشعوب، وأيضاً تقرير المصير يكون بيد أبناء هذه القومية . والى حديث آخر .