ابو عمار الهسكاني
في عالم اليوم الذي يتصف بالفوضى العارمة التي مست كل مجالات الحياة في العراق ومنها حياة الاقليات المجتمعية والدينية كالمسيحية والصابئة والايزيدية المعروفة بخصوصياتها وعاداتها وطقوسها. تتحكم فيها وتهدد وجودها وتفتت نسيجها الديني والاجتماعي، همشت حقوقها التي اقرها الدستور العراقي و كل ذلك حدث داخل العراق منذ عقدين او اكثر، وهناك سؤالين يطرحان نفسهما أولهما هو ما سبب تأثيرات القوة والاجراءات السلطوية على الانظمة المحلية التي تمس هويات ووجود الاديان والمعتقدات التي يطلقون عليها الاقليات في العراق. هذه الاوضاع تشكل اليوم معضلة كبيرة في الحفاظ على التنوع المجتمعي والديني الذي تميز به العراق عبر التاريخ الوسيط والحديث. وتصبح الحالة الصعبة أكثر تعقدًا و صعوبة عندما يتعلق الأمر بالمجتمعات والديانات العرقية الصغيرة والأيزيديين مثالًا. يواجه الايزيديين تحديات يومية ترقى الى حالة من الضياع والاستلاب والصهر في ظل اوضاع اجتماعية تعمل على تهميشهم واهمالهم وتجاهل مكانتهم الاجتماعية أدى الى فقدان قانون حقوق الإنسان الذي يضمن لهم المساواة والعدالة وقدر من الحريات التي تحقق استقرار هذه الجماعات وفي مقدمة تلك التهديدات المحلية “العنصرية والشعبوية” التي ظهرت في شمال العراق والتي قامت ومازالت تقوم باحداث تغييرات ديمغرافية في المناطق التي يسكن فيها الاقليات في شمال العراق خاصة الاشوريين والايزيديين. الايزيدية في سنجار وفي مناطق شيخ ولاط تعيش منذ عام 2014 قلق متزايد في ظل التهديدات المتواصلة لسلمها المجتمعي ومحاولات السيطرة على اراضي الاباء والاجداد واحلال مجموعات دخيلة وغريبة من اكراد سورية واكراد ايران و زرعهم في القرى الأيزيدية الذين هم السكان الاصليين في هذه المناطق. يتم الضغط على الأيزيديين وإجبارهم على بيع مساكنهم واراضيهم الزراعية ويتم تهجيرهم بالتهديد والوعيد كما حصل في قرى وقصبات ايزيدية تابعة الى قضاء الشيخان عام 2003 عندما تم الاستيلاء على اراضيهم الزراعية في عدة قرى ايزيدية وسجلت بتوجيه من الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم باسماء أشخاص حزبيين وباسماء جماعات كردية مسلمة في قضاء الشيخان. كذلك الحالي في سنجار بعد الغزو الداعشي الاجرامي عام 2014 الذي دمر وخرب وقتل وخطف النساء وفتك بالايزيديين واجبرهم على النزوح إلى مناطق كردية واجبر الأيزيديين على العيش في مخيمات للنازحين منذ عشرة سنوات وهي مخيمات لا تصلح للعيش في ظل صمت ما يسمى امير الايزيدية حازم تحسين والمجلس الروحاني المسيس وتمنع سلطاتها إقليم كردستان العراق عودتهم الى اماكن سكناهم في سنجار ومحيطها.السؤال الاخر كيف تؤثر النخب الايزيدية المؤثرة في صراعات القوى المحلية الدينية والمذهبية للحفاظ على وجودها الايزيدي وتأمين حقوقهم المنتهكة؟لا شك أن الكيانات المذهبية والعرقية الكبير ة في العراق اليوم غالباً ما تجد طرقاً لتجنب الخضوع للقوانين الانسانية العالمية عندما تتعارض مع مصالحها. هذا التجاهل ليس فقط يضعف النظام القانوني الانساني الذي يعرف وينظم الحقوق الدينية والمجتمعية للسكان الاصليين الذين يسعون الى ايصال صوتهم الى المجتمع الدولي في محاولة منهم للحصول على الدعم و التمسك بحقوق الانسان في ارضهم ووطنهم كونهم يتعرضون إلى التمييز ضدهم و الاخلال بحقوق المساواة والمواطنة في العراق. الأيزيديين كهوية ومجتمع ودين تعاني من التهميش والوصايا والتدخل في شؤونها المجتمعية والدينية من قبل الاكراد السياسيين في إقليم كردستان – العراق من أجل فرض هيمنتها على اراضي الايزيديين ودفعهم للهجرة وتمنع وتزييف الصوت الايزيدي امام الجهات العالمية المؤثرة لسلب حقوقهم و نفي وجود الأيزيديين التاريخي.بعد مجزرة داعش في سنجار قدمت مأساة الأيزيديين في العراق الى دول المنطقة والعالم الحر وشكلت مثالاً صارخاً على الفشل الحكومي المحلي في العراق في حمايتهم والدفاع عن حقوقهم المستلبة رغم وجود قوانين الامم المتحدة التي من شأنها أن توفر الحماية الإنسانية للاقليات في كل انحاء العالم ومنه في العراق وغالباً ما يتم تجاهلها أو التحايل عليها ولا تطبق قوانين الأمم المتحدة تلك تنفيذًا وارضا لاجندات وقوانين عنصرية محلية تقوض بشكل أساسي حقوق الأيزيديين وتفرض عليهم هويات معادية ودخيلة.ولا تزال تلعب تلك القوى المحلية دوراً خطيرا في تقرير مصير المجتمعات الصغيرة وتفضيل المصالح على حساب العدالة وحقوق الايزيدية المشروعة دون النظر إلى حقوقها الأساسية المنصوص عليها في قانون حقوق الإنسان لعام 1948 او القانون الدولي الانساني الذي صدر في ستينيات القرن الماضي.التدخلات المحلية والاقليمية في شؤون الأيزيديين تتمحور منذ عقدين على انتزاع وسلب الارادة والاعتداء و تهميش حقوق الأيزيديين في الجوانب الاجتماعية والثقافية والقومية والسياسية وإنكار حقوقها القانونية والإنسانية هذا الإهمال المستمر يعرقل تطبيق القوانين ويحرمهم من الحماية الأساسية مما يتطلب إعادة نظرة شاملة في كيفية تطبيق هذه القوانين لضمان العدالة والحماية للجميع وإعادة تقييم وتعزيز الهيكل القانوني الدولي والمحلي لضمان حريات وحماية الأقليات في العراق. من الضروري منع فرض الأجندات السياسية لحرمان الايزيديين من حقوقهم الأساسية والنضال الشعبي الايزيدي من أجل تحقيق مشروع الاعتراف بالقومية الايزيدية المطرح الان في مجلس النواب العراقي وبموجبه يتم الاعتراف الدستوري والقانوني بحقوق الايزيديين وضمان حمايتهم.