رجل الدين ..قارئً ومثقف أم حافظاً ومقلّد! ؟

سفيان عرب شنگالي

ما يعارض ثقافة العصر أن يسلك المرء مساراً فكرياً لا يتجاوز تأثيره طريق “المزار المقدس وعدد كلمات الدعاء” يردّد برتابة وتكرار، فيوهَم بالرضى المطلق بمجرّد الانتهاء في دقائق معدودة.
كل يوم مع غروب الشمس وشروقها ، وهو يلخّص مطالبه، وبطريقة التمني، معتقِداً حصوله على الستر والرزق، منشداً الخير الوفير من لدن الشخص الذي يسكن في الخيال الواسع.. كنتُ قد أعرته كتاباً في التاريخ الديني والعقائدي، يزخر بعلوم الديانة الأيزيدية. كانت الغاية أن يساوي أوقات “الدعاء وقراءة الكتب” لأجل التسلّح بالمعلومة التي ستظهره ملمّاً حين يشرع بمجادلته أبناء الديانات الأخرى، ذلك لوأد الهوة التي تركها السلف في طريق أجيالنا التي تعاني الطيش وهي تتشوّه بما تتيح التكنلوجية من العلوم العشوائية، لا يستطيع انتقاء أفضلها إلا من عاش رفقة الكتاب الورقي!!.
ولكنني فوجئت بعد مضى ثلاثة أشهر بفشلي في جعل المتدين قارئً!، إذ أبلغني بأنه لم يحظى بالوقت للقراءة، لكنه بدا لي متمسكاً ومستسلماً لحركات وعادات تنقل بالوراثة، وتضعه في إطار قولب داخله بأمر من معبوده التاريخي المقدس!.
كم هو مؤسف أن تنشأ الأجيال قاصرة، لا شغل لها سوى حمل “المكنسة وإطالة الشاربين ووضع اليشماخ” ولا تفقه لأية هوية تنتمي وأيّ تاريخ تخدم!، يبجلون رضوخهم لأوامر من اختيروا أولياء عليهم، يقلّدون أصواتهم، ويقتبسون أفكارهم البدائية جداً.
يفترض التلاقح بين “عادة القراءة والمطالعة لواسع العلوم التاريخية منها بالأخص، وتاريخ الديانة الأيزيدية” التي تعرضت أدمغة أتباعها للتشويه، ذلك تحفيزاً للثقافة العامة في ظل الميول المشروعة لطبقة الشباب بتمسكها وتقرّبها من الأعراف الاجتماعية المتوارثة، خاصة أعياد الربيع- زكموك السومري، أكيتو البابلي الآشوري-، إذ يجب تمتينها بالدفاع عنها، وتقويمها وتنقية أصولها من الاضافات الطارئة في حين تقتحمنا الثقافة الرجعية للدولة من جهة، وثقافة السوشيال العشوائية من جهة أخرى، فيقيّم الإعلام المحيط ما لدينا كما يحلو له، ويلصق بنا ويضيف ما ليس لنا، ويقحم السذّج منا في الواجهة الخاسرة المشوبة بالتناقضات مع من يحيطنا بسلاسل ثقافته واعتقاده الذي لا يتقبل الآخر.

Related posts

محاولات الأكراد لمحو الديانة الإيزيدية بكل الوسائل.. رووداو نموذجاً

أسطورة أڤدل أومرا ومقاومته للإمبراطورية الأكدية.

بيان : الذكرى السنوية العاشرة للابادة الجماعية الايزيدية ، جريمة انسانية عنصرية بحق الشعب الايزيدي العراقي