عجاج الإيزيدخاني
لطالما كان الأيزيديون دين وهوية جزءًا لا يتجزأ من التاريخ الإنساني، في بلاد الرافدين ، حيث يعود تاريخهم إلى أكثر من 6000 عام . اليوم تشهد البشرية كافة ولادة عالم يتغير بوتيرة لم تشهدها الاديان والمجتمعات والافكار الفيزيقية والفلسفات المحافظة . البشرية تواجه التحديات والإنجازات الإنسانية الكبيرة المتمثلة في ثورة المعلومات والاتصالات والهندسة الوراثية والذكاء الاصطناعي وغيرها ، فهل تتلاشى الاديان والمعتقدات القديمة منها الايزيدية في ظل هذا التطور ؟ ام تتماهى مع الزمن القادم ، وتكون قادرة على الصمود والاستمرارية .تجدد إرادتها القديمة و التغلب على الصعاب ، التحديات الحديثة التي يواجهها الشباب الأيزيدي ضبابية وقلقة ،تطرح أسئلة جوهرية حول مستقبل اجيالنا ومجتمعاتنا وقدرتنا الحفاظ على هويتها في عالم الانترنت سريع التطور.يُظهِر لنا جليا ان تاريخ الأيزيديين الطويل الذي رافق الحضارات الرافدينية بكل عظمتها لا يزال يعد صورة ناصعة لشعب استطاع أن يحافظ على تقاليده ومعتقداته عبر الأزمنة العصيبة والتغيرات الجيوسياسية. لقد شكّلت الأيزيدية، بمكوناتها الروحانية والثقافية، ومعطياتها الاجتماعية أساسًا راسخًا ، لولادة الهوية المجتمعية التي ساعدت الأيزيديين على مواجهة الهجمات العسكرية التدميرية العثمانية والصفوية والكردية الكبار الايزيديين على ترك ديانتهم والدخول في ديانة اخرى .. ورغم التضحيات الجسيمة تمكنت الايزيدية بالبقاء والثبات .الايزيديون عبر التاريخ، لعبوا أدوارًا مهمة في العديد من الاحداث الكبرى، مستمدين قوتهم وعزيمتهم من إيمانهم العميق بالحرية والعدالة. هذه الروح الوثابة كانت تعبيرًا عن رغبتهم في التحرر من الظلم، ودليلاً على إرادتهم القوية في الحفاظ على طريقة حياتهم وحماية معتقداته وعاداتهم وطقوسهم وعباداتهم .العالم اليوم في ظل التحولات الكبيرة يشهد قدرة تاثيرية على بناء الشباب الأيزيدي بطرق جديدة مبتكرة، ويجد البعض منهم مشتتين بين قيم المحافظة وقيم الحداثة التي يضفي عليها العصر هالة من السحر النفسي ، قادرة على تشكيل قيم سلوكية والاخلاقية جديدة تنزع لباس الشباب المحافظة وارتداء ثوب الحرية الاجتماعية والسياسية ، واكتساب الخبرات من الماضي السحيق ، ومستلهمين من التجارب التي مر بها أسلافهم لتشكيل مستقبل يحافظ على جوهر ثقافتهم وهويتهم .ويجد الشباب الأيزيدي في التاريخ العريق لأسلافهم وفي تجاربهم الثورية مصدر إلهام يحثهم على البحث عن معنى أعمق للحياة ودورهم في صياغة معرفة وثقافةمغايرة تماما . ويبقى الاهتمام بالماضي المجيد ليس قبولا بالامر الواقع ، بل محاولة لاستلهام الدروس التي يمكن أن تسهم في بناء مستقبل واعد منفتح على التجارب الناجحة التي تعكس قيم جديدة تربط بين الماضي بكل انجازاته والحاضربكل اختراعاته وابداعاته . كلمةاخيرة ، الشباب عامة ومنهم الايزيديين يبحثون عن موطئ قدم في هذا العالم وتحولاته ، للاجابةعلى سؤال هل بإمكان التمرد على الوضع القائم والمساهمة في إعادة تشكيل مجتمع يربط القيم المعاصرة والاصالة التي ورثوها ؟ ، للمحافظة على الهوية القومية الأيزيدية لمواكبة العصر الجديد ..الشباب الأيزيدي اليوم يقف عند مفترق طرق، حيث يؤثر قرارهم في تحديد مستقبل مجتمعهم. إنهم يسعون لتوفير مزيج من الحفاظ على التقاليد والانفتاح على العالم الأوسع، آملين في الوصول إلى توازن يحترم الماضي المجيد ويتطلع إلى المستقبل اكثر اشراقا .. من خلال الحوار والتواصل والنقد البناء والقبول بالرأي الاخر ، لرسم طريق يلبي تطلعاتهم مؤكدين على قدرتهم على التأثير والتعامل الايجابي مع منظومة العالم الجديد .
1 تعليق